سورة يوسف - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{قَالُواْ تالله لَقَدْ اثَرَكَ الله عَلَيْنَا} اختارك وفضلك علينا بالعلم والحلم والتقوى والصبر والحسن {وَإِن كُنَّا لخاطئين} وإن شأننا وحالنا أنا كنا خاطئين متعمدين للإثم لم نتق ولم نصبر لا جرم أن الله أعزك بالملك وأذلنا بالتمسكن بين يديك {قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ} لا تعيير عليكم {اليوم} متعلق بالتثريب أو ب {يغفر} والمعنى لا أثر بكم اليوم وهو اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام! ثم ابتدأ فقال: {يَغْفِرَ الله لَكُمْ} فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم. يقال: غفر الله لك ويغفر لك على لفظ الماضي والمضارع، أو اليوم يغفر الله لكم بشارة بعاجل غفران الله. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعضادتي باب الكعبة يوم الفتح فقال لقريش: «ما ترونني فاعلاً بكم» قالوا: نظن خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، وقد قدرت. فقال: «أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليك اليوم» ورُوي أن أبا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس: إذا أتيت رسول الله فاتلُ عليه {قال لا تثريب عليكم اليوم} ففعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غفر الله لك ولمن علمك» ويُروى أن أخوته لما عرفوه أرسلوا إليه أنك تدعونا إلى طعامك بكرة وعشياً ونحن نستحي منك لما فرط منا فيك، فقال يوسف: إن أهل مصر وإن ملكت فيهم فإنهم ينظرون إليَّ بالعين الأولى ويقولون سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ، ولقد شرفت الآن بكم حيث علم الناس أني من حفدة إبراهيم {وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين} أي إذا رحمتكم وأنا الفقير القتور فما ظنكم بالغني الغفور؟ ثم سألهم عن حال أبيه فقالوا: إنه عمي من كثرة البكاء قال:


{اذهبوا بِقَمِيصِى هذا} قيل: هو القميص المتواراث الذي كان في تعويذ يوسف، وكان من الجنة أمره جبريل أن يرسله إليه فإن فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلي ولا سقيم إلا عوفي {فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا} يصر بصيراً. تقول: جاء البناء محكماً أي صار، أو يأت إلي وهو بصير. قال يهوذا: أنا أحمل قميص الشفاء كما ذهبت بقميص الجفاء. وقيل: حمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخاً {وَأْتُونِى بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} لينعموا بآثار ملكي كما اغتموا بأخبار هلكي.
{وَلَمَّا فَصَلَتِ العير} خرجت من عريش مصر. يقال: فصل من البلد فصولاً إذا انفصل منه وجاوز حيطانه {قَالَ أَبُوهُمْ} لولد ولده ومن حوله من قومه {إِنّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} أوجده الله ريح القميص حين أقبل من مسيرة ثمانية أيام {لَوْلاَ أَن تُفَنّدُونِ} التفنيد النسبة إلى الفند وهو الخرف وإنكار العقل من هرم. يقال: شيخ مفند. والمعنى لولا تفنيدكم إياي لصدقتموني.


{قَالُواْ} أي أسباطه {تالله إِنَّكَ لَفِى ضلالك القديم} لفي ذهابك عن الصواب قديماً في إفراط محبتك ليوسف أو في خطئك القديم من حب يوسف وكان عندهم أنه قد مات {فَلَمَّا أَن جَاء البشير} أي يهوذا {أَلْقَاهُ على وَجْهِهِ} طرح البشير القميص على وجه يعقوب أو ألقاه يعقوب {فارتد} فرجع {بَصِيراً} يقال: رده فارتد وارتده إذا ارتجعه {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ} يعني قوله {إني لأجد ريح يوسف} أو قوله {ولا تيأسوا من روح الله} وقوله {إِنّى أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} كلام مبتدأ لم يقع عليه القول أو وقع عليه والمراد قوله {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون} ورُوي أنه سأل البشير كيف يوسف؟ قال: هو ملك مصر. فقال: ما أصنع بالملك، على أي دين تركته؟ قال: على دين الإسلام. قال: الآن تمت النعمة {قَالُواْ يأَبَانَا استغفر لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خاطئين} أي سل الله مغفرة ما ارتكبنا في حقك وحق ابنك إنا تبنا واعترفنا بخطايانا {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم} أخر الاستغفار إلى وقت السحر، أو إلى ليلة الجمعة، أو ليتعرف حالهم في صدق التوبة، أو إلى أن يسأل يوسف هل عفا عنهم. ثم إن يوسف وجه إلى أبيه جهازاً ومائتي راحلة ليتجهز إليه بمن معه، فلما بلغ قريباً من مصر خرج يوسف والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء وأهل مصر بأجمعهم فتلقوا يعقوب وهو يمشي يتوكأ على يهوذا.
{فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ ءاوى إِلَيْهِ} ضم إليه {أَبَوَيْهِ} واعتنقهما. قيل: كانت أمه باقية. وقيل: ماتت وتزوج أبوه خالته والخالة أم كما أن العم أب ومنه قوله {وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} [البقرة: 133] ومعنى دخولهم عليه قبل دخولهم مصر أنه حين استقبلهم أنزلهم في مضرب خيمة أو قصر كان له ثمة فدخلوا عليه وضم إليه أبويه {وَقَالَ} لهم بعد ذلك {ادخُلُوا مِصرَ إن شآء الله ءامنين} من ملوكها وكانوا لا يدخلونها إلا بجواز أو من القحط. ورُوي أنه لما لقيه قال يعقوب عليه السلام: السلام عليك يا مذهب الأحزان، وقال له يوسف: يا أبت بكيت علي حتى ذهب بصرك ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ فقال: بلى ولكن خشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك. وقيل: إن يعقوب وولده دخلوا مصر وهم اثنان وسبعون ما بين رجال ونساء، وخرجوا منها مع موسى ومقاتلتهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعون رجلاً سوى الذرية والهرمى، وكانت الذرية ألف ألف ومائتي ألف.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14